والأظهر: أنهم إن رجعوا بعد الحكم عليه بالرجم أو الجلد بشهادتهم أنه لا يقام عليه الحد، لرجوع الشهود أو بعضهم.
وقول بعض المالكية: إن الحكم ينفذ عليه ولو رجعوا كلهم أو بعضهم قبل التنفيذ خلاف التحقيق، وإن كان المعروف في مذهب مالك أن الحكم إذا نفذ بشهادة البينة أنه لا ينقض برجوعهم، وإنما ينقض بظهور كذبهم؛ لأن هذا لم يعمموه في الشهادة المفضية إلى القتل لعظم شأنه. والأظهر أنه لا يقتل بشهادة بينة كذبت أنفسها فيما شهدت عليه به كما لا يخفى. وأما إن كان رجوع البينة بعد إقامة الحد، فالأظهر أنه إن لم يظهر تعمدهم الكذب لزمتهم دية المرجوم، وإن ظهر أنهم تعمدوا الكذب فقال بعض أهل العلم: تلزم الدية أيضًا. وقال بعضهم بالقصاص، وهو قول أشهب من أصحاب مالك، وله وجه من النظر؛ لأنهم تسببوا في قتله بشهادة زور، فقتلهم به له وجه. والعلم عند الله تعالى.
وإن كان رجوعهم أو رجوع بعضهم بعد جلد المشهود عليه بالزنى بشهادتهم، فإن لم يظهر تعمدهم الكذب، فالظاهر أنهم لا شيء عليهم؛ لأنهم لم يقصدوا سوءًا، وإن ظهر تعمدهم الكذب وجب تعزيرهم بقدر ما يراه الإِمام رادعًا لهم ولأمثالهم؛ لأنهم فعلوا معصيتين عظيمتين:
الأولى: تعمدهم شهادة الزور.
والثانية: إضرارهم بالمشهود عليه بالجلد، وهو أذى عظيم أوقعوه به بشهادة زور. والعلم عند الله تعالى.