اعلم أنا قدمنا من زنى ببهيمة في سورة الإِسراء في الكلام على قوله تعالى:{وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} وقدمنا حكم اللواط وأقوال أهل العلم وأدلتهم في ذلك في سورة هود في الكلام على قوله تعالى: {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (٨٣)} وقد قدمنا الكلام أيضًا على أن من زنى مرات متعددة قبل أن يقام عليه الحد، يكفي لجميع ذلك حد واحد في الكلام على آيات الحج.
وقد أوضحنا أن الأمة تجلد خمسين، سواء كانت محصنة أو غير محصنة؛ لأن جلدها خمسين مع الإِحصان منصوص في القرآن كما تقدم إيضاحه، وجلدها مع عدم الإِحصان ثابت في الصحيح.
وأظهر الأقوال عندنا أن الأمة غير المحصنة تجلد خمسين، وألحق أكثر أهل العلم العبد بالأمة.
والأظهر عندنا: أنه يجلد خمسين مطلقًا أحصن أم لا. وقد تركنا الأقوال المخالفة لما ذكرنا؛ لعدم اتجاهها عندنا مع أنا أوضحناها في سورة النساء على قوله تعالى:{فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ} الآية، ولنكتف بما ذكرنا هنا من أحكام الزنى المتعلقة بهذه الآية التي نحن بصددها.
وعادتنا أن الآية إن كان يتعلق بها باب من أبواب الفقه أنا نذكر عيون مسائل ذلك الباب، والمهم منه، ونبيِّن أقوال أهل العلم في ذلك ونناقشها، ولا نستقصي جميع ما في الباب؛ لأن استقصاء ذلك في كتب فروع المذاهب كما هو معلوم. والعلم عند الله تعالى.