للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُؤْمِنِينَ (٣)} راجعة إلى الوطء الذي هو الزنى. أعاذنا الله وإخواننا المسلمين منه، كعكسه. وعلى هذا القول فلا إشكال في ذكر المشركة والمشرك.

الوجه الثاني: هو قولهم: إن المراد بالنكاح في الآية التزويج، إلَّا أن هذه الآية التي هي قوله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً} الآية منسوخة بقوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} الآية، وممن ذهب إلى نسخها بها: سعيد بن المسيب، والشافعي.

وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية ما نصه: هذا خبر من الله تعالى بأن الزاني لا يطأ إلَّا زانية، أو مشركة، أي: لا يطاوعه على مرأده من الزنا إلَّا زانية عاصية أو مشركة لا ترى حرمة ذلك، وكذلك الزانية لا ينكحها إلَّا زان، أي: عاص بزناه، أو مشرك لا يعتقد تحريمه.

قال سفيان الثوري عن حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} قال: ليس هذا بالنكاح إنما هو الجماع، لا يزنى بها إلَّا زان أو مشرك. وهذا إسناد صحيح عنه، وقد روي عنه من غير وجه أيضًا، وقد روي عن مجاهد وعكرمة، وسعيد بن جبير، وعروة بن الزبير، والضحاك، ومكحول، ومقاتل بن حيان، وغير واحد نحو ذلك. انتهى محل الغرض منه بلفظة.

فتراه صدر بأن المراد بالنكاح في الآية: الجماع، لا التزويج. وذكر صحته عن ابن عباس الذي دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعلمه تأويل القرآن. وعزاه لمن ذكر معه من أجلاء المفسرين. وابن عباس