رضي الله عنهما من أعلم الصحابة بتفسير القرآن العظيم، ولا شك في علمه باللغة العربية.
فقوله في هذه الآية الكريمة بأن النكاح فيها هو الجماع لا العقد يدل على أن ذلك جار على الأسلوب العربي الفصيح. فدعوى أن هذا التفسير لا يصح في العربية، وأنه قبيح يرده قول البحر ابن عباس كما ترى.
وقال القرطبي في تفسير هذه الآية: وقد روي عن ابن عباس، وأصحابه أن النكاح في هذه الآية: الوطء.
واعلم أن إنكار الزجاج لهذا القول في هذه الآية، أعني القول بأن النكاح فيها الجماع. وقوله: إن النكاح لا يعرف في القرآن إلَّا بمعنى التزويج مردود من وجهين.
الأول: أن القرآن جاء في النكاح بمعنى الوط، وذلك في قوله تعالى:{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه فسر قوله:(حتى تنكح زوجًا غيره) بأن معنى نكاحها له مجامعته لها حيث قال: "لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك" ومراده بذوق العسيلة: الجماع، كما هو معلوم.
الوجه الثاني: أن العرب الذين نزل القرآن بلغتهم يطلقون النكاح على الوطء. والتحقيق: أن النكاح في لغتهم الوطء.
قال الجوهري في صحاحه: النكاح الوطء، وقد يكون العقد. اهـ. وإنما سموا عقد التزويج نكاحًا؛ لأنه سبب النكاح، أي: الوطء، وإطلاق المسبب وإرادة سببه معروف في القرآن، وفي كلام العرب، وهو مما يسميه القائلون بالمجاز المجاز المرسل، كما