هو معلوم عندهم في محله. ومن إطلاق العرب النكاح على الوطء قول الفرزدق:
وذات حليل أنكحتها رماحنا ... حلال لمن يبني بها لم تطلق
لأن الإِنكاح في البيت ليس المراد به: عقد التزويج، إذ لا يعقد على المسبيات، وإنَّما المراد به الوطء بملك اليمين، والمسبي مع الكفر. ومنه قوله أيضًا:
وبنت كريم قد نكحنا ولم يكن ... لها خاطب إلَّا السنان وعامله
فالمراد بالنكاح في هذا البيت هو الوطء بملك اليمين، لا العقد كما صرح بذلك بقوله: ولم يكن لها خاطب إلَّا السنان وعامله.
وقوله:
إذا سقى الله قومًا صوب غادية ... فلا سقى الله أهل الكوفة المطرا
التاركين على طهر نساءهم ... والناكحين بشطي دجلة البقرا
ومعلوم أن نكاح البقر ليس معناه التزويج.
قالوا: ومما يدل على أن النكاح في الآية غير التزويج، أنَّه لو كان معنى النكاح فيها التزويج لوجب حد المتزوج بزانية؛ لأنه زان، والزاني يجب حده. وقد أجمع العلماء على أن من تزوج زانية لا يحد حد الزنى، ولو كان زانيًا لحد حد الزنى فافهم.
وهذا هو حاصل حجج من قالوا: إن النكاح في الآية الوطء، وأن تزويج العفيف الزانية ليس بحرام كعكسه.
وقالت جماعة أخرى من أهل العلم: لا يجوز تزويج الزاني لعفيفة، ولا عكسه، وهو مذهب الإِمام أحمد، وقد