روي عن الحسن وقَتَادة. واستدل أهل هذا القول بآيات وأحاديث.
فمن الآيات التي استدلوا بها هذه الآية التي نحن بصددها، وهي قوله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (٣)} قالوا: المراد بالنكاح في هذه الآية: التزويج، وقد نص الله على تحريمه في قوله: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤمَنِينَ (٣)} قالوا: والإِشارة بقوله: (ذلك) راجعة إلى تزويج الزاني بغير الزانية، أو المشركة، وهو نص قرآني في تحريم نكاح الزاني العفيفة كعكسه.
ومن الآيات التي استدلوا بها قوله تعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} قالوا: فقوله: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} أي: أعفاء غير زناة. ويفهم من مفهوم مُخَالَفَةُ الآية: أنَّه لا يجوز نكاح المسافح الذي هو الزاني لمحصنة مؤمنة، ولا محصنة عفيفة من أهل الكتاب، وقوله تعالى:{فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} فقوله: {مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ} أي: عفائف غير زانيات. ويفهم من مفهوم مُخَالَفَةُ الآية، أنهن لو كن مسافحات غير محصنات لما جاز تزوجهن.
ومن أدلة أهل هذا القول أن جميع الأحاديث الواردة في سبب نزول آية {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} الآية. كلها في عقد النكاح، وليس واحد منها في الوطء، والمقرر في الأصول أن صورة سبب النزول قطعية الدخول. وأنه قد جاء في السنَّة ما يؤيد صحة ما قالوا في الآية، من أن النكاح فيها التزويج، وأن الزاني لا يتزوج إلَّا زانية