للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قرينة في الآية، وهي أنَّه لم يقيد الأيامى الأحرار بالصلاح، وإنَّما قيد بالصلاح في أيامى العبيد والإماء، ولذا قال بعد الآية: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}.

قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: هذه الآية الكريمة من أصعب الآيات تحقيقًا، لأن حمل النكاح فيها على التزويج لا يلائم ذكر المشركة والمشرك، وحمل النكاح فيها على الوطء لا يلائم الأحاديث الواردة المتعلقة بالآية، فإنها تعين أن المراد بالنكاح في الآية: التزويج، ولا أعلم مخرجًا واضحًا من الإِشكال في هذه الآية إلَّا مع بعض تعسف، وهو أن أصح الأقوال عند الأصوليين كما حرره أَبو العباس بن تيمية رحمه الله في رسالته في علوم القرآن، وعزاه لأجلاء علماء المذاهب الأربعة هو جواز حمل المشترك على معنييه، أو معانيه، فيجوز أن تقول: عدا اللصوص البارحة على عين زيد، وتعني بذلك أنهم عوروا عينه الباصرة، وغوروا عينه الجارية، وسرقوا عينه التي هي ذهبه أو فضته.

وإذا علمت ذلك فاعلم أن النكاح مشترك بين الوطء والتزويج خلافًا لمن زعم أنَّه حقيقة في أحدهما، مجاز في الآخر كما أشرنا له سابقًا، وإذا جاز حمل المشترك على معنييه، فيحمل النكاح في الآية على الوطء، وعلى التزويج معًا، ويكون ذكر المشركة والمشرك على تفسير النكاح بالوطء دون العقد، وهذا هو نوع العسف الذي أشرنا له. والعلم عند الله تعالى.

وأكثر أهل العلم على إباحة تزويج الزانية، والمانعون لذلك أقل، وقد عرفت أدلة الجميع.