ما ادعى من زنا المقذوف؛ لأن الله يقول:{ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} ومفهوم الآية: أن القاذف لو جاء بأربعة شهداء على الوجه المقبول شرعًا أنَّه لا حد عليه، وإنَّما يثبت بذلك حد الزنا على المقذوف، لشهادة البينة، ويشترط لذلك أيضًا عدم إقرار المقذوف، فإن أقر بالزنا، فلا حد على القاذف. وإن كان القاذف زوجًا اعتبر في حده حد القذف امتناعه من اللعان. قال ابن قدامة: ولا نعلم خلافًا في هذا كله. ثم قال: وتعتبر استدامة الطلب إلى إقامة الحد، فلو طلب ثم عفا عن الحد سقط، وبهذا قال الشافعي، وأَبو ثور. وقال الحسن وأصحاب الرأي: لا يسقط بعفوه؛ لأنه حد فلم يسقط بالعفو كسائر الحدود.
ولنا أنَّه حد لا يستوفى إلَّا بعد مطالبة الآدمي باستيفائه فسقط بعفوه كالقصاص، وفارق سائر الحدود، فإنه لا يعتبر في إقامتها الطلب باستيفائها، وحد السرقة إنما تعتبر فيه المطالبة بالمسروق، لا باستيفاء الحد، ولأنهم قالوا: تصح دعواه، ويستحلف فيه، ويحكم الحاكم فيه بعلمه، ولا يقبل رجوعه عنه بعد الاعتراف. فدل على أنَّه حق لآدمي. اهـ من المغني، وكونه حقًا لآدمي هو أحد أقوال فيه.
قال أَبو عبد الله القرطبي: واختلف العلماء في حد القذف، هل هو من حقوق الله، أو من حقوق الآدميين، أو فيه شائبة منهما؟