قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أما حده في قذف أم الولد، فالظاهر أنَّه لا يكون إلَّا بعد موت سيدها، وعتقها من رأس مال مستولدها، أما قبل ذلك فلم تتحقق حريتها بالفعل، ولا سيما على قول من يجيز بيعها من العلماء، والقاذف لا يحد بقذف من لم يكن حرًا حرية كاملة فيما يظهر، وكذلك لو قيل: إن من قذف من يظنه عبدًا، فإذا هو حر لا يجب عليه الحد؛ لأنه لم ينو قذف حر، وإنَّما نوى قذف عبد لكان له وجه من النظر؛ لأن الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى، ولأن المعرة تزول عن المقذوف بقول القاذف: ما قصدت قذفك ولا أقول: إنك زان، وإنَّما قصدت بذلك من كنت أعتقده عبدًا فأنت عفيف في نظري، ولا أقول فيك إلَّا خيرًا. والعلم عند الله تعالى.
المسألة الثالثة عشرة: اعلم أن العلماء اختلفوا فيمن قذف جماعة بكلمة واحدة، أو بكلمات متعددة، أو قذف واحدًا مرات متعددة. وقد قدمنا خلاف أهل العلم فيمن قذف جماعة بكلمة واحدة في الكلام على آيات الحج.
قال ابن قدامة في المغني في شرحه لقول الخرقي: وإذا قذف الجماعة بكلمة واحدة، فَحَدٌّ واحد إذا طالبوا، أو واحد منهم، ما نصه: وبهذا قال طاووس، والشعبي، والزهري، والنخعي، وقَتَادة، وحماد، ومالك، والثوري، وأَبو حنيفة وصاحباه، وابن أبي ليلى، وإسحاق. وقال الحسن، وأَبو ثور، وابن المنذر: لكل واحد حد كامل، وعن أحمد مثل ذلك، وللشافعي قولان كالروايتين. ووجه هذا أنَّه قذف كل واحد منهم، فلزمه له حد كامل، كما لو قذفهم بكلمات.