صيغة التفضيل في الآيات المذكورة لمطلق الوصف لا للتفضيل.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: لا يخفى أن صيغة التفضيل قد ترد لمطلق الوصف، كما هو معلوم، ومن أمثلته الآيات التي ذكرها صاحب المغني، ولكنها لا تحمل على غير التفضيل إلَّا بدليل خارج يقتضي ذلك، والآيات التي ذكر معلوم أنها لا يمكن أن تكون للتفضيل؛ لأن الأصنام لا نصيب لي من أحقية الاتباع أصلًا في قوله:{أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي} ولأن الكفار لا نصيب لهم في الأحقية بالأمن، ولأن أدبار الرجال لا نصيب لها في الطهارة.
ومن أمثلة ورود صيغة التفضيل لمطلق الوصف أيضًا قوله تعالى:{وَهُوَ أَهَوَنُ عَلَيْهِ} أي: هين سهل عليه، وقول الشنفرى:
وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن ... بأعجلهم إذْ أجشع القوم أعجل
أي: لم أكن بالعجل منهم، وقول الفرزدق:
إن الذي سمك السماء بنى لنا ... بيتًا دعائمه أعز وأطول
أي: عزيزة طويلة، وقول معن بن أوس:
لعمرك ما أدري وإني لأوْجَل ... على أيِّنا تعدو المنيَّة أول
أي: لوجل، وقول الأحوص بن محمد الأنصاري:
أني لأمنحك الصدد وإنني ... قسمًا إليك مع الصدود لأمْيَلُ
أي: لمائل، وقول الآخر:
تمنى رجال أن أموت وإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد
أي: بواحد، وقال الآخر:
لعمرك إن الزبرقان لباذل ... لمعروفه عند السنين وأفضل