للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجملة عن المقذوف الميت، وأن الشافعية يقولون: إنه ينقسم بانقسام الميراث، كما نقله عنهم صاحب المغني في كلامه المذكور، وأن الحنفية يقولون: إن الحد لا يورث، وهو ظاهر المذهب الحنبلي، وأن بعض أهل العلم قال: لا يحد من قذف ميتة بحال.

قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر لي - واللَّه تعالى أعلم - في هذه المسألة: أن قذف الأم إن كان يستلزم نفي نسب ولدها فلها القيام حية، ولولدها القيام إذا لم تطالب هي؛ لأنه مقذوف بقذفها، خلافًا لما في كلام صاحب المغني، وكذلك إن كانت ميتة فله القيام، ويحد له القاذف. وقول صاحب المغني: تعتبر حصانته هو دون حصانتها هي لم يظهر له معنى، لأن نفي نسب إنسان لا تشترط فيه حصانة المنفي نسبه، لأنا لو فرضنا أنها جاءت به من زنى، فإنه هو لا ذنب له، ولا يعتبر زانيًا كما ترى.

والحاصل: أن قذف الأم إن كان يستلزم قذف ولدها، فالأظهر إقامة الحد على القاذف بطلب الأم، وبطلب الولد وإن كانت حية؛ لأنه مقذوف، وأحرى إن كانت ميتة، وإن كانت الأم لا ولد لها أو لها ولد لا يستلزم قذفها قذفه فهي مسألة: هل يحد من قذف ميتًا أو لا؟ وقد رأيت خلاف العلماء فيها، ولكل واحد من القولين وجه من النظر، لأن الظاهر أن حرمة عرض الإِنسان لا تسقط بالموت، وهذا يقتضي حد من قذف ميتة. ووجه الثاني: أن الميتة لا يصح منها الطلب، فلا يحد بدون طلب، ولأن من مات لا يتأذى بكلام القاذف، وإن كان كذبًا، بل يفرح به، لأنه يكون له فيه حسنات، وإن كان حقًا ما رماه به، فلا حاجة له بحده بعد موته، لأنه لم يقل إلَّا الحق وحده وهو صادق لا حاجة للميت فيه. اهـ.