وأقربهما عندي أنَّه يعزر تعزيزًا رادعًا ولا يقام عليه الحد.
واعلم أن الحي إذا قذفه آخر بالزنا، وهو يعلم في نفسه أن القاذف صادق، فقد قال بعض أهل العلم: إن له المطالبة بحده مع علمه بصدقه فيما رماه به، وهو مذهب مالك، ومن وافقه.
والأظهر عندي أنَّه إن كان يعلم أنما قذفه به حق أنَّه لا تنبغي له المطالبة بحده؛ لأنه يتسبب في إيذائه بضرب الحد، وهو يعلم أنَّه محق فيما قال. والعلم عند الله تعالى.
وذكر غير واحد من أهل العلم أن من قذف أم النبي - صلى الله عليه وسلم - أو قذفه هو - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك ردة، وخروج من دين الإِسلام، وهو ظاهر لا يخفى، وأن حكمه القتل، ولكنهم اختلفوا إذا تاب هل تقبل توبته؟ فذهبت جماعة من أهل العلم إلى أنَّه لا تقبل توبته، ويقتل على كل حال. وقال بعض أهل العلم: تقبل توبته إن تاب. وهذا الأخير أقرب لكثرة النصوص الدالة على قبول توبته من تاب ولو من أعظم أنواع الكفر. واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الخامسة والعشرون: في حكم من قذف ولده:
وقد اختلف أهل العلم في ذلك. قال في المغني: وإذا قذف ولده وإن نزل لم يجب الحد عليه، سواء كان القاذف رجلًا أو امرأة وبهذا قال عطاء، والحسن، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وقال مالك، وعمر بن عبد العزيز، وأَبو ثور، وابن المنذر: عليه الحد؛ لعموم الآية، ولأنه حد فلا تمنع من وجوبه قرابة الولادة كالزنى.
وأظهر القولين دليلًا: أنَّه لا يحد الوالد لولده لعموم قوله: