للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن جريج والأوزاعي - وهما إمامان - عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده موقوفًا. وفي ثبوته موقوفًا أيضًا نظر، فإن راويه عن ابن جريج والأوزاعي عمرو بن هارون، وليس بالقوي. ورواه يحيى بن أبي أنيسة أيضًا، عن عمرو ابن شعيب به موقوفًا. وهو متروك، ونحن إنما نحتج بروايات عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده إذا كان الراوي عنه ثقة، وانضم إليه ما يؤكده، ولم نجد لهذا الحديث طريقًا صحيحًا إلى عمرو. واللَّه أعلم. انتهى كلامه. انتهى كلام صاحب نصب الراية.

وقال صاحب الجوهر النقي: إن الحديث المذكور جيد الإِسناد. ولو فرضنا جودة إسناده كما ذكره لم يلزم من ذلك أن شهادات اللعان شهادات لا أيمان، لاحتمال كون عدم الملاعنة بين من ذكر في الحديث لعدم المكافأة.

والأظهر عندنا أنها أيمان أكدت بلفظ الشهادة، للأدلة التي ذكرنا. وهو قول أكثر أهل العلم. والعلم عند الله تعالى.

المسألة الثالثة: اعلم أنَّه لا يجوز في اللعان الاعتماد على إتيان المرأة بالولد أسود وإن كانت بيضاء وزوجها أبيض، لقصة الرجل الذي ولدت امرأته غلامًا أسود، وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - كأنه يعرض بنفي الولد الأسود باللعان، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : هل لك من إبل؟ قال: نعم، قال: ما ألوانها؟ قال: حمر. قال: هل فيها من أورق؟ قال: إن فيها لورقًا. قال: ومن أين جاءتها الورقة؟ قال: لعل عرقًا نزعها. قال: وهذا الغلام الأسود لعل عرقًا نزعه. والقصة مشهورة ثابتة في الصحيحين، وقد قدمناها مرارًا. وفيها الدلالة على أن سواد الولد لا يجوز أن يكون مستندًا للرجل في اللعان كما ترى.