المسألة الرابعة: اعلم أن التحقيق: أن من قذف امرأة بالزنى قبل أن يتزوجها ثم تزوجها أنَّه إن لم يأت بأربعة شهداء على زناها أنَّه يجلد حد القذف، ولا يقبل منه اللعان؛ لأنها وقت القذف أجنبية محصنة داخلة في عموم قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} الآية، والزواج الواقع بعد ذلك لا يغير الحكم الثابت قبله. فما يروى عن الإِمام أبي حنيفة رحمه الله من أنَّه إن قذفها قبل الزواج، ثم تزوجها بعد القذف أنهما يلتعنان خلاف الظاهر عندنا من نص الآية الكريمة. والعلم عند الله تعالى.
المسألة الخامسة: اعلم أن التحقيق أن الزوج إن قذف زوجته وأمها بالزنا، ولم يأت بالبينة أنَّه يحد للأم حد القذف؛ لأنه قذفها بالزنى، وهي محصنة غير زوجة، فهي داخلة في عموم قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} الآية. وأما البنت فإنه يلاعنها؛ لأنه قذفها، وهي زوجة له، فتدخل في عموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦)} إلى آخر آيات اللعان.
وبما ذكرنا تعلم أن قول بعض الأئمة: إنه إن حد للأم سقط حد البنت، وإن لاعن البنت لم يسقط حد الأم أنَّه خلاف التحقيق الذي دلت عليه آيات القرآن.
وقد قال ابن العربي في القول المذكور: وهذا باطل جدًّا، فإنه خصص عموم الآية في البنت وهي زوجة بحد الأم من غير أثر ولا أصل قاسه عليه. اهـ. وهو ظاهر.
المسألة السادسة: اعلم أن الذي يظهر لنا أنَّه الصواب أن من قذف زوجته بالزنى، ثم زنت قبل لعانه لها أنَّه لا حد عليه ولا لعان؛