المعرضين عنه من الكفرة، قال: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠)} فيكفي المعرض عنه أنه حمار، وأنه من حمير النار. وبين تعالى أن المعرض عنه يحمل يوم القيامة ما لا يستطيع له حملًا، قال: {وَقَدْ آتَينَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (٩٩) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وزْرًا (١٠٠) خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا (١٠١)} فتح الله تعالى به قلوبًا غلفًا، وأعينًا عميًا، وآذانًا صمًّا، وقال فيه: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤)} لا تنقضي عجائبه ولا يخلق على طول التكرار، ما تعاقب الليل والنهار، رفع الله تعالى به قومًا ووضع به آخرين، وقال: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيثُ لَا يَعْلَمُونَ (٤٤) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيدِي مَتِينٌ (٤٥)} وهو آخر الكتب السماوية عهدًا برب العالمين، فكل الشر في الإعراض عنه، وكل الخير في الإقبال عليه، فطوبى لمن كان حجة له، وويل لمن كان حجة عليه {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (٤٤)} ففيه للمطيع أعظم وعد وللعاصي أشد وعيد. ومع هذا كله، فإن أكثر المنتسبين للإسلام اليوم في أقطار الدنيا معرضون عن التدبر في آياته غير مكترثين بقول من خلقهم: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٢٤)} لا يتأدبون بآدابه، ولا يتخلقون بما فيه من مكارم الأخلاق يطلبون الأحكام في التشريعات الضالة المخالفة له، غير مكترثين بقول ربهم: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (٤٤)} وقوله: {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (٦٠)} بل المتأدب بآداب القرآن المتخلق بما فيه من مكارم