الأخلاق محتقر مغموز فيه عند جلهم إلا من عصمه الله فهم يحتقرونه واحتقاره لهم أشد كما قال الشافعي رحمه الله:
فهذا زاهد في قرب هذا ... وهذا فيه أزهد منه فيه
وإياك يا أخي ثم إياك، أن يزهدك في كتاب الله تعالى كثرة الزاهدين فيه، ولا كثرة المحتقرين لمن يعمل به ويدعو إليه، واعلم أن العاقل الكيس الحكيم لا يكترث بانتقاد المجانين، واسمع قول الأديب الكبير محمد بن حنبل الشنقيطي الحسني رحمه الله:
لا تسؤ بالعلم ظنًّا يا فتى ... إن سوء الظن بالعلم عطب
لا يزهدك أخي في العلم أن ... غمر الجهال أرباب الأدب
إن تر العالم نِضْوًا مرملا ... صفر كف لم يساعده سبب
وتر الجاهل قد حاز الغنى ... محرز المأمون من كل أرب
قد تجوع الأسد في آجامها ... والذئاب الغبش تعتام القتب
جرع النفس على تحصيله ... مضض المرين ذل وسغب
لا يهاب الشوك قطاف الجنى ... وإبار النحل مشتار الضرب
أما بعد: فإنا لما عرفنا إعراض أكثر المتسمين باسم المسلمين اليوم عن كتاب ربهم ونبذهم له وراء ظهورهم، وعدم رغبتهم في وعده، وعدم خوفهم من وعيده؛ علمنا أن ذلك مما يعين على من أعطاه الله علمًا بكتابه أن يجعل همته في خدمته من بيان معانيه؛ وإظهار محاسنه، وإزالة الإشكال عما أشكل منه، وبيان أحكامه، والدعوة إلى العمل به؛ وترك كل ما يخالفه.