واعلم أن السنة كلها تندرج في آية واحدة من بحره الزاخر؛ وهي قوله تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ومن أهم المقاصد في ذلك، هذا الكتاب المبارك الذي هذه ترجمته، واعلم أن من أهم المقصود بتأليفه أمران:
أحدهما: بيان القرآن بالقرآن لإجماع العلماء على أن أشرف أنواع التفسير وأجلها تفسير كتاب الله بكتاب الله، إذ لا أحد أعلم بمعنى كلام الله جل وعلا من الله جل وعلا، وقد التزمنا أنا لا نبين القرآن إلا بقراءة سبعية، سواء كانت قراءة أخرى في الآية المبينة نفسها، أو آية أخرى غيرها، ولا نعتمد على البيان بالقراءات الشاذة وربما ذكرنا القراءة الشاذة استشهادًا للبيان بقراءة سبعية، وقراءة أبي جعفر ويعقوب وخلف ليست من الشاذ عندنا ولا عند المحققين من أهل العلم بالقراءات.
والثاني: بيان الأحكام الفقهية في جميع الآيات المبينة بالفتح في هذا الكتاب، فإننا نبين ما فيها من الأحكام، وأدلتها من السنة، وأقوال العلماء في ذلك، ونرجح ما ظهر لنا أنه الراجح بالدليل من غير تعصب لمذهب معين، ولا لقول قائل معين، لأننا ننظر إلى ذات القول لا إلى قائله، لأن كل كلام فيه مقبول ومردود، إلا كلامه - صلى الله عليه وسلم -، ومعلوم أن الحق حق ولو كان قائله حقيرًا. ألا ترى أن ملكة سبأ في حال كونها تسجد للشمس من دون الله هي وقومها لما قالت كلامًا حقًّا صدقها الله فيه، ولم يكن كفرها مانعًا من تصديقها في الحق الذي قالته، وذلك في قولها فيما ذكر الله عنها:{إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً} فقد قال تعالى