فمن قال: إن السكوت لا يعد رضى. قال: لأن الساكت قد يسكت عن الإِنكار مع أنَّه غير راضٍ، ومن قال: إنه يعد رضى، قال: لأن سكوته قرينة دالة على رضاه. واستأنسوا بقوله - صلى الله عليه وسلم - في البكر: إذنها صماتها، وبعضهم يقول: تخصيص البكر بذلك يدل على أن غيرها ليس كذلك. والخلاف في هذه المسألة معروف في فروع الأئمة وأصولهم. ومن تتبع فروعهم وجدهم في بعض الصور يجعلون السكوت كالرضى؛ كالسكوت عن اللعان زمنًا بعد العلم بموجبه، وكالسكوت عن القيام بالشفعة ونحو ذلك، ويكثر في فروع مذهب مالك جعل السكوت كالرضى.
ومن أمثلة ذلك ما قاله ابن عاصم في رجزه في أحكام القضاء في مذهب مالك:
وحاضر لواهب من ماله ... ولم يغير ما رأى من حاله
الحكم منعه القيام بانقضا ... مجلسه إذ صمته عين الرضى
ولكل واحد من القولين وجه من النظر.
والذي يظهر لنا في مسألة السكوت عن اللعان أنَّه إن سكت زمنًا يغلب على الظن فيه عادة أنَّه لا يسكت فيه إلَّا راضٍ عُدَّ رضى، وإلَّا فلا؛ لأن العرف محكم. والعلم عند الله تعالى.
المسألة الحادية عشرة: اعلم أنَّه إن كان النكاح فاسدًا، وقذفها زوجها بالزنى إن كان لنفي نسب يلحق به في ذلك النكاح الفاسد، فلا ينبغي أن يختلف في أنَّه يلاعن لنفي النسب عنه، وإن كان النكاح