المرأة؛ لأنهما لما ادعيا عليه أنَّه قذفهما صارا له عدوين؛ لأن القذف يستوجب العداوة.
قال ابن قدامة في المغني: فإن شهد شاهدان أنَّه قذف فلانة وقذفنا لم تقبل شهادتهما؛ لاعترافهما بعداوته لهما، وشهادة العدو لا تقبل على عدوه، فإن أبرآه وزالت العداوة، ثم شهدا عليه بذلك القذف لم تقبل؛ لأنها ردت للتهمة، فلم تقبل بعد كالفاسق إذا شهد فردت شهادته لفسقة، ثم تاب وأعادها. ولو أنهما ادعيا عليه أنَّه قذفهما ثم أبرآه وزالت العداوة، ثم شهدا عليه بقذف زوجته قبلت شهادتهما؛ لأنهما لم يردا في هذه الشهادة. ولو شهدا أنَّه قذف امرأته ثم ادعيا بعد ذلك أنه قذفهما فإن أضافا دعواهما إلى ما قبل شهادتهما، بطلت شهادتهما؛ لاعترافهما أنَّه كان عدوًا لهما حين شهدا عليه، وإن لم يضيفاها إلى ذلك الوقت، وكان ذلك قبل الحكم بشهادتهما لم يحكم بها؛ لأنه لا يحكم عليه بشهادة عدوين، وإن كانت بعد الحكم لم يبطل؛ لأن الحكم تم قبل وجود المانع كظهور الفسق. وإن شهدا أنَّه قذف امرأته وأمنا لم تقبل شهادتهما؛ لأنها ردت في البعض للتهمة، فوجب أن ترد للكل. وإن شهدا على أبيهما أنَّه قذف ضرة أمهما قبل شهادتهما. وبهذا قال مالك، وأَبو حنيفة والشافعي في الجديد، وقال في القديم: لا تقبل؛ لأنهما يجران إلى أمهما نفعًا، وهو أنَّه يلاعنها فتبين ويتوفر على أمهما، وليس بشيء؛ لأن لعانه ينبني على معرفته بزناها، لا على الشهادة عليه بما لا يعترف به. وإن شهدا بطلاق الضرة ففيه وجهان:
أحدهما: لا تقبل؛ لأنهما يجران إلى أمهما نفعًا، وهو توفُّره على أمهما.