رضي الله عنها في الآيات المذكورة حلف أَبو بكر ألا ينفق على مسطح، ولا ينفعه بنافعة بعد ما رمى عائشة بالإِفك ظلمًا وافتراه فأنزل الله في ذلك:{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الآية.
وقوله:{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} أي: لا يحلف. فقوله:(يأتل) وزنه يفتعل من الألية وهي اليمين، تقول العرب: آلى يؤلي، وائتلى يأتلي إذا حلف. ومنه قوله تعالى:{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} أي: يحلفون، مضارع آلى يؤلى إذا حلف. ومنه قول امرئ القيس:
ويومًا على ظهر الكثيب تعذرت ... علي وآلت حلفة لم تحلل
أي: حلفت حلفة. وقول عاتكة بنت زيد العدوية ترثى زوجها عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهم:
فآليت لا تنفك عيني حزينة ... عليك ولا ينفك جلدي أغبرا
والألية اليمين، ومنه قول الآخر يمدح عمر بن عبد العزيز:
قليل الألايا حافظ ليمينه ... وإن سبقت منه الألية برت
أي: لا يحلف أصحاب الفضل والسعة، أي: الغنى كأبي بكر رضي الله عنه أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله كمسطح بن أثاثة.
وقوله: أن يؤتوا، أي: لا يحلفوا عن أن يؤتوا، أو لا يحلفوا ألا يؤتوا. وحذف حر الجر قبل المصدر المنسبك من أن وأن وصلتهما مطرد. وكذلك حذف لا النافية قبل المضارع بعد القسم، ولا يؤثر في ذلك هنا كون القسم منهيًا عنه.