للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومفعول يؤتوا الثاني محذوف، أي: أن يؤتوا أولي القربى النفقة والإِحسان، كما فعل أَبو بكر رضي الله عنه.

وقال بعض أهل العلم قوله: ولا يأتل، أي: لا يقصر أصحاب الفضل، والسعة كأبي بكر في إيتاء أولي القربى كمسطح. وعلى هذا فقوله: (يأتل) يفتعل من ألا يألو في الأمر إذا قصر فيه وأبطأ.

ومنه قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا} أي: لا يقصرون في مضرتكم. ومنه بهذا المعنى قول الجعدي:

وأشمط عربان يشد كتافه ... يلام على جهد القتال وما ائتلا

وقول الآخر:

وإن كنائني لنساء صدق ... فما آلى بني ولا أساءوا

فقوله: فما آلى بني: يعني ما قصروا، ولا أبطؤا. والأول هو الأصح؛ لأن حلف أبي بكر ألا ينفع مسطحًا بنافعة، ونزول الآية الكريمة في ذلك الحلف معروف.

وهذا الذي تضمنته هذه الآية الكريمة من النهي عن الحلف عن فعل البر من إيتاء أولي القربى والمساكين والمهاجرين، جاء أيضًا في غير هذا الموضع كقوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ} أي: لا تحلفوا باللَّه عن فعل الخير، فإذا قيل لكم: اتقوا وبروا، وأصلحوا بين الناس قلتم: حلفنا باللَّه لا نفعل ذلك، فتجعلوا الحلف باللَّه سببًا للامتناع من فعل الخير على الأصح في تفسير الآية.

وقد قدمنا دلالة هاتين الآيتين على المعنى المذكور، وذكرنا