وقال ابن حجر في الفتح: وحكى الطحاوي: أن الاستئناس في لغة اليمن: الاستئذان.
وفي تفسير هذه الآية الكريمة بما يناسب لفظها وجهان، ولكل منهما شاهد من كتاب الله تعالى.
الوجه الأول: أنه من الاستئناس الظاهر الذي هو ضد الاستيحاش؛ لأن الذي يقرع باب غيره لا يدري أيؤذن له أم لا، فهو كالمستوحش من خفاء الحال عليه، فإذا أذن له استأنس وزال عنه الاستيحاش، ولما كان الاستئناس لازمًا للإِذن أطلق اللازم، وأريد ملزومه الذي هو الإِذن، وإطلاق اللازم، وإرادة الملزوم أسلوب عربي معروف, والقائلون بالمجاز يقولون: إن ذلك من المجاز المرسل. وعلى أن هذه الآية أطلق فيها اللازم الذي هو الاستئناس وأريد ملزومه الذي هو الإذن يصير المعنى: حتى تستأذنوا. ويشهد لهذا المعنى قوله تعالى:{لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} وقوله تعالى بعده: {فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ}.
وقال الزمخشري في هذا الوجه بعد أن ذكره: وهذا من قبيل الكناية، والإِرداف؛ لأن هذا النوع من الاستئناس يردف الإِذن، فوضع موضع الإِذن.
الوجه الثاني في الآية: هو أن يكون الاستئناس بمعنى الاستعلام، والاستكشاف. فهو استفعال من آنس الشيء إذا أبصره ظاهرًا مكشوفًا أو علمه.
والمعنى: حتى تستعلموا وتستكشفوا الحال، هل يؤذن لكم أو لا؟ وتقول العرب: استئنسْ هل ترى أحدًا، واستأنستُ فلم أر