القراءات التي نسخت وتركت، ولعل القارئ بها لم يطلع على ذلك؛ لأن جميع الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على كتابة تستأنسوا في جميع نسخ المصحف العثماني، وعلى تلاوتها بلفظ: تستأنسوا. ومضي على ذلك إجماع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها في مصاحفهم وتلاوتهم من غير نكير. والقرآن العظيم تولى الله تعالى حظه من التبديل والتغيير، كما قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} وقال فيه: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)} وقال تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧)} الآية.
مسائل تتعلق بهذه الآية الكريمة
المسألة الأولى: اعلم أن هذه الآية الكريمة دلت بظاهرها على أن دخول الإِنسان بيت غيره بدون الاستئذان والسلام لا يجوز لأن قوله: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} الآية، نهي صريح، والنهي المتجرد عن القرائن يفيد التحريم على الأصح، كما تقرر في الأصول.
المسألة الثانية: اعلم أن الاستئذان ثلاث مرات، يقول المستأذن في كل واحدة منها: السلام عليكم أأدخل؟ فإن لم يؤذن له عند الثالثة، فليرجع، ولا يزد على الثلاث. وهذا لا ينبغي أن يختلف فيه؛ لأنه ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثبوتًا لا مطعن فيه.
قال البخاري رحمه الله في صحيحه: حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، حدثنا يزيد بن خصيفة، عن بسر بن سعيد، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنت في مجلس من مجالس