"كأنه كره ذلك" فيه أنه لا يخفى من تكريره - صلى الله عليه وسلم - لفظة أنا أنه كره ذلك ولم يرضه، وحديث جابر هذا أخرجه غير الشيخين من باقي الجماعة.
المسألة الرابعة: اعلم أن الأظهر الذي لا ينبغي العدول عنه أن الرجل يلزمه أن يستأذن على أمه وأخته وبنيه وبناته البالغين؛ لأنه إن دخل على من ذكر بغير استئذان فقد تقع عينه على عورات من ذكر، وذلك لا يحل له.
وقال ابن حجر في فتح الباري في شرحه لحديث: إنما جعل الاستئذان من أجل البصر، ما نصه: ويؤخذ منه أنه يشرع الاستئذان على كل أحد حتى المحارم، لئلا تكون منكشفة العورة. وقد أخرج البخاري في الأدب المفرد عن نافع: كان ابن عمر إذا بلغ بعض ولده الحلم لم يدخل عليه إلَّا بإذن. ومن طريق علقمة جاء رجل إلى ابن مسعود فقال: استأذن على أمي؟ فقال. ما على كل أحيانها تريد أن تراها. ومن طريق مسلم بن نذير بالنون مصغرًا سأل رجل حذيفة: أستأذن على أمي؟ فقال: إن لم تستأذن عليها رأيت ما تكره. ومن طريق موسى بن طلحة دخلت مع أبي على أمي فدخل، واتبعته فدفع في صدري، وقال: تدخل بغير إذن؟، ومن طريق عطاء سألت ابن عباس أستأذن على أختي؟ قال: نعم، قلت: إنها في حجري؟ قال: أتحب أن تراها عريانة؟ وأسانيد هذه الآثار كلها صحيحة. انتهى من فتح الباري.
وهذه الآثار عن هؤلاء الصحابة تؤيد ما ذكرنا من الاستئذان على من ذكرنا. ويفهم من الحديث الصحيح:"إنما جعل الاستئذان من أجل البصر" فوقوع البصر على عورات من ذكر لا يحل كما ترى.