{وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (٢٨) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ} إلى غير ذلك من الآيات.
وقد أوضحنا كلام أهل العلم وأدلتهم في عقوبة فاعل فاحشة اللواط في سورة هود، وعقوبة الزاني في أول هذه السورة الكريمة.
واعلم أن الأمر بحفظ الفرج يتناول حفظه من انكشافه للناس. وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: وحفظ الفرج تارة يكون بمنعه من الزنى كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥)} الآية، وتارة يكون بحفظه من النظر إليه كما جاء في الحديث في مسند أحمد والسنن: احفظ عورتك إلَّا من زوجتك أو ما ملكت يمينك. اهـ منه.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} الآيتين.
قال الزمخشري في الكشاف: من للتبعيض والمراد غض البصر عما يحرم، والاقتصار به على ما يحل، وجوز الأخفش أن تكون مزيدة وأباه سيبويه. فإن قلت: كيف دخلت في غض البصر دون حفظ الفرج؟ قلت: دلالة على أن أمر النظر أوسع، ألا ترى أن المحارم لا بأس بالنظر إلى شعورهن، وصدورهن، وثديهن، وأعضادهن، وأسوقهن، وأقدامهن، وكذلك الجواري المستعرضات، والأجنبية ينظر إلى وجهها وكفيها، وقدميها في إحدي الروايتين، وأما أمر الفرج فمضيق، وكفاك فرقًا أن أبيح النظر إلَّا ما استثنى منه، وحظر الجماع إلَّا ما استثنى منه، ويجوز أن يراد مع حفظها من الإِفضاء إلى ما لا يحل حفظها عن الإِبداء.