للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقول عنترة:

وأغض طرفي ما بدت لي جارتي ... حتى يواري جارتي مأواها

وقول الآخر:

وما كان غض الطرف منا سجية ... ولكننا في مذحج غربان

لأن قوله: غض الطرف مصدر مضاف إلى مفعوله بدون حرف.

ومن أمثلة تعدي الغض بمن قوله تعالى: {يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} و {يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} وما ذكره هنا من الأمر بغض البصر قد جاء في آية أخري تهديد من لم يمتثله، ولم يغض بصره عن الحرام، وهي قوله تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ}.

وقد قال البخاري رحمه الله: وقال سعيد بن أبي الحسن للحسن: إن نساء العجم يكشفن صدورهن ورؤوسهن، قال: اصرف بصرك عنهن. بقول الله عزَّ وجلَّ: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} قال قتادة: عما لا يحل لهم {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} خائنة الأعين النظر إلى ما نهى عنه. اهـ محل الغرض منه بلفظه.

وبه تعلم أن قوله تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ} فيه الوعيد لمن يخون بعينه بالنظر إلى ما لا يحل له، وهذا الذي دلت عليه الآيتان من الزجر عن النظر إلى ما لا يحل جاء موضحًا في أحاديث كثيرة.

منها ما ثبت في الصحيح، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إياكم والجلوس بالطرقات، قالوا: يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها، قال: فإذا أبيتم إلَّا المجلس فأعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حق الطريق