للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خصصت عمومه آية النساء كما أوضحناه آنفًا. والعلماء يقولون: إن علة منع تزويج الحر الأمة، أنها إن ولدت منه كان ولدها مملوكًا؛ لأن كل ذات رحم فولدها بمنزلتها، فيلزمه ألا يتسبب في رق أولاده ما استطاع. ووجهه ظاهر كما ترى.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} فيه وعد من الله للمتزوج الفقير من الأحرار، والعبيد بأن الله يغنيه، واللَّه لا يخلف الميعاد، وقد وعد الله أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفقراء باليسر بعد ذلك العسر، وأنجز لهم ذلك، وذلكم في قوله تعالى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} أي: ضيق عليه رزقه، إلى قوله تعالى: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (٧)} وهذا الوعد منه جلَّ وعلا وعد به من اتقاه في قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} الآية. ووعد بالرزق أيضًا من يأمر أهله بالصلاة، ويصطبر عليها، وذلك في قوله: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (١٣٢)} وقد وعد المستغفرين بالرزق الكثير على لسان نبيه نوح في قوله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (١٢)} وعلى لسان نبيه هود في قوله تعالى عنه: {وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} الآية. وعلى لسان نبينا صلى الله الله عليه وعليهما جميعًا وسلَّم: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}.

ومن الآيات الدالة على أن طاعة الله تعالى سبب للرزق قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ