مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ} الآية. فقد بين في الآيات العشر المشار إليها أن أهل الإِفك رموا عائشة، وأن الله برأها في كتابه مما رموها به.
وعلى هذا: فمن الآيات المبينة لبعض أمثال من قبلنا قوله تعالى في رمي امرأة العزيز يوسف بأنه أراد بها سوءًا تعني الفاحشة قالت: {مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٥)} وقوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (٣٥)} لأنهم سجنوه بضع سنين بدعوى أنه كان أراد الفاحشة من امرأة العزيز، وقد برأه الله من تلك الفرية التي افتريت عليه، بإقرار النسوة وامرأة العزيز نفسها، وذلك في قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (٥٠) قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٥١)} قال تعالى عن امرأة العزيز في كلامها مع النسوة اللاتي قطعن أيديهن: {قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ} الآية.
فقصة يوسف هذه مثل من أمثال من قبلنا؛ لأنه رمي بإرادة الفاحشة وبرأه الله من ذلك، والمثل الذي أنزله إلينا في هذه السورة، شبيه بقصة يوسف؛ لأنه هو وعائشة كلاهما رُمِيا بما لا يليق، وكلاهما برأه الله تعالى، وبراءة كل منهما نزل بها هذا القرآن العظيم، وإن كانت براءة يوسف وقعت قبل نزول القرآن بإقرار امرأة العزيز، والنسوة كما تقدم قريبًا، وبشهادة الشاهد من أهلها {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ} إلى قوله: {فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ} الآية.
ومن الآيات المبينة لبعض أمثال الذين من قبلنا ما ذكره تعالى