للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبراءته وقذف مريم وبراءتها من أمثال من قبلنا، فهي مما يبين بعض ما دلَّ عليه قوله: {وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ}.

والآيات التي دلت على قذف عائشة وبراءتها بينت المثل الذي أنزل إلينا، وكونه من نوع أمثال من قبلنا واضح؛ لأن كلًا من عائشة، ومريم، ويوسف رمي بما لا يليق، وكل منهم برأه الله، وقصة كل منهم عجيبة، ولذا أطلق عليها اسم المثل في قوله: {وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ}.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٣٤)}.

قال الزمخشري: {وَمَوْعِظَةً} ما وعظ به الآيات، والمثل من نحو قوله تعالى: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ} {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ} {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا}. اهـ كلام الزمخشري. والظاهر أن وجه خصوص الموعظة بالمتقين دون غيرهم أنهم هم المنتفعون بها.

ونظيره في القرآن قوله تعالى: {إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ} وقوله تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (٤٥)} فخص الإِنذار بمن ذكر في الآيات؛ لأنهم هم المنتفعون به مع أنه - صلى الله عليه وسلم - في الحقيقة منذر لجميع الناس، كما قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (١)} ونظيره أيضًا قوله تعالى: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (٤٥)} ونحوها من الآيات.

وقوله في هذه الآية الكريمة: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ} قرأه نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وشعبة عن عاصم: مبينات بفتح الياء المثناة التحتية المشددة بصيغة اسم المفعول. وقرأه ابن عامر،