وحمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: مبينات بكسر الياء المشددة بصيغة اسم الفاعل. فعلى قراءة من قرأ بفتح الياء فلا إشكال في الآية، لأن الله بينها، وأوضحها، وعلى قراءة من قرأ مبينات بكسر الياء بصيغة اسم الفاعل، ففي معنى الآية وجهان معروفان:
أحدهما: أن قوله: (مبينات) اسم فاعل بَيَّن المتعدية، وعليه فالمفعول محذوف، أي: مبينات الأحكام والحدود.
والثاني: أن قوله: (مبينات) وصف من بَيَّن اللازمة، وهو صفة مشبهة، وعليه فالمعنى: آيات مبينات، أي: بينات واضحات. ويدل لهذا الوجه الأخير قوله تعالى:{وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ مُبِينَاتٍ}.
وذكر الوجهين المذكورين الزمخشري، وأبو حيان وغيرهما، ومثلوا لبيَّن اللازمة بالمثل المعروف، وهو قول العرب: قد بين الصبح لذي عينين.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: من المعروف في العربية أن بيَّن مضعفًا، وأبان، كلتاهما تأتي متعدية للمفعول ولازمة، فتعدي بين للمفعول مشهور واضح كقوله تعالى:{قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ} وتعدي أبان للمفعول مشهور واضح أيضًا كقولهم: أبان له الطريق، أي: بينها له، وأوضحها. وأما ورود بين لازمة بمعنى تبين ووضح فمنه المثل المذكور: قد بين الصبح لذي عينين، أي: تبين وظهر. ومنه قول جرير:
وجوه مجاشع طليت بلؤم ... يبين في المقلد والعذار
فقوله: يبين بكسر الياء بمعنى: يظهر ويتضح، وقول جرير أيضًا:
رأى الناس البصيرة فاستقاموا ... وبينت المراض من الصحاح