للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (٣٣) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٣٤)} وقوله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (٢٩) قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٠) يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٣١) وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ} الآية.

وفي معنى قوله تعالى (تبارك) أقوال لأهل العلم. قال القرطبي: (تبارك) اختلف في معناه. فقال الفراء: هو في العربية بمعنى: تقدس وهما للعظمة، وقال الزجاج: تبارك: تفاعل من البركة قال: ومعنى البركة: الكثرة من كل ذي خير، وقيل: تبارك: تعالى، وقيل: تعالى عطاؤه، أي: زاد وكثر. وقيل المعنى: دام وثبت إنعامه. قال النحاس: وهذا أولاها في اللغة والاشتقاق من برك الشيء إذا ثبت، ومنه برك الجمل والطير على الماء، أي: دام وثبت. انتهى محل الغرض من كلام القرطبي.

وقال أبو حيان في البحر المحيط: قال ابن عباس: تبارك: لم يزل، ولا يزول. وقال الخليل: تمجد وقال الضحاك: تعظم. وحكى الأصمعي تباركت عليكم من قول عربي صعد رابية فقال ذلك لأصحابه، أي: تعاليت وارتفعت. ففي هذه الأقوال تكون صفة ذات. وقال ابن عباس أيضًا، والحسن، والنخعي: هو من البركة، وهو التزايد في الخير من قبله. فالمعنى: زاد خيره وعطاؤه وكثر. وعلى هذا يكون صفة فعل. انتهى محل الغرض من كلام أبي حيان.

قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الأظهر في معنى تبارك حسب اللغة التي نزل بها القرآن أنه تفاعل من البركة، كما جزم به ابن جرير