للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطبري. وعليه فمعنى تبارك: تكاثرت البركات والخيرات من قبله، وذلك يستلزم عظمته وتقدسه عن كل ما لا يليق بكماله وجلاله؛ لأن من تأتي من قِبَله البركات والخيرات ويدر الأرزاق على الناس هو وحده المتفرد بالعظمة، واستحقاق إخلاص العبادة له. والذي لا تأتي من قبله بركة ولا خير، ولا رزق، كالأصنام، وسائر المعبودات من دون الله لا يصح أن يعبد، وعبادته كفر مخلد في نار جهنم، وقد أشار تعالى إلى هذا في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١٧)} وقوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ (٧٣)} وقوله تعالى: {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ} وقوله تعالى: {مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (٥٨)} وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (١٣) فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (١٤)} الآية.

تنبيه

اعلم أن قوله: (تبارك) فعل جامد لا يتصرف، فلا يأتي منه مضارع، ولا مصدر، ولا اسم فاعل، ولا غير ذلك، وهو مما يختص به الله تعالى، فلا يقال لغيره: (تبارك) خلافًا لما تقدم عن الأصمعي، وإسناده (تبارك) إلى قوله: {الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ} يدل على أن إنزاله الفرقان على عبده من أعظم البركات والخيرات والنعم التي أنعم بها على خلقه، كما أوضحناه في أول سورة الكهف في الكلام على قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ. . .} الآية. وذكرنا الآيات الدالة على ذلك. وإطلاق