والآداب والمكارم، ولم يعتقد ما فيه من العقائد، ويعتبر بما فيه من الزواجر والقصص والأمثال.
واعلم أن السبكي قال: إنه استنبط من هذه الآية الكريمة من سورة الفرقان مسألة أصولية، وهى أن الكف عن الفعل فعل، والمراد بالكف الترك. قال في طبقاته: لقد وقفت على ثلاثة أدلة تدل على أن الكف فعل لم أر أحدًا عثر عليها.
أحدها: قوله تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (٣٠)} فإن الأخذ التناول، والمهجور المتروك، فصار المعنى تناولوه متروكًا، أي: فعلوا تركه. انتهى محل الغرض منه بواسطة نقل صاحب نشر البنود، شرح مراقي السعود في الكلام على قوله:
• فكفنا بالنهي مطلوب النبي *
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: استنباط السبكي من هذه الآية أن الكف فعل وتفسيره لها بما يدل على ذلك لم يظهر لي كل الظهور، ولكن هذا المعنى الذي زعم أن هذه الآية الكريمة دلت عليه، وهو كون الكف فعلًا دلت عليه آيتان كريمتان من سورة المائدة، دلالة واضحة لا لبس فيها، ولا نزاع. فعلى تقدير صحة ما فهمه السبكي من آية الفرقان هذه فإنه قد بينته بإيضاح الآيتان المذكورتان من سورة المائدة:
أما الأولى منهما فهي قوله تعالى: {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (٦٣)} فترك الربانيين والأحبار نهيهم عن قول الإِثم وأكل السحت سماه الله