فيمتزج به. وهذا البرزخ الفاصل بين البحرين المذكور في سورة الفرقان، وسورة الرحمن قد بين تعالى في سورة النمل أنه حاجز حجز به بينهما، وذلك في قوله جلَّ وعلا: {أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٦١)} وهذا الحاجز هو اليبس من الأرض الفاصل بين الماء العذب، والماء الملح على التفسير الأول.
وأما على التفسير الثاني فهو حاجز من قدرة الله غير مرئي للبشر، وأكد شدة حجزه بينهما بقوله هنا: {وَحِجْرًا مَحْجُورًا (٥٣)} والظاهر أن قوله هنا: حجرًا أي. منعًا، وحرامًا قدريًا، وأن محجورًا توكيد له، أي: منعًا شديدًا للاختلاط بينهما.
وقوله:{هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ} صفة مشبهة من قولهم: عذب الماء بالضم فهو عذب.
وقوله:{فُرَاتٌ} صفة مشبهة أيضًا، من فرت الماء بالضم، فهو فرات، إذا كان شديد العذوبة.
وقوله:{وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} صفة مشبهة أيضًا من قولهم: ملح الماء بالضم والفتح فهو ملح.
قال الجوهري في صحاحه: ولا يقال: مالح إلَّا في لغة ردية. اهـ.
وقد أجاز ذلك بعضهم، واستدل له بقول القائل:
ولو تفلت في البحر والبحر مالح ... لأصبح ماء البحر من ريقها عذبا
وقوله: أجاج: صفت مشبهة أيضًا من قولهم: أج الماء يؤج