وقد أوضحنا الآيات الدالة على هذا المعنى في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى:{وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ} الآية. وهذا القول وإن دلت عليه آيات كثيرة، فلا يظهر كونه هو معنى آية الفرقان هذه.
وأما القول بأن المعنى: ما يصنع بعذابكم، لولا دعاؤكم معه آلهة أخرى، فقد دل على معناه قوله تعالى:{مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} الآية.
والقول الأول الذي هو أشهر الأقوال وأكثرها قائلًا، وهو أن المعنى: لولا دعاؤكم؛ أي: عبادتكم له وحده، قد دل عليه جميع الآيات الدالة على ما يعطيه الله لمن أطاعه، وما أعده لمن عصاه، وكثرتها معلومة لا خفاء بها.
واعلم أن لفظة ما في قوله:{قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي} قال بعض أهل العلم: هي استفهامية، وقال بعضهم: هي نافية، وكلاهما له وجه من النظر.
واعلم أن قول من قال: لولا دعاؤكم؛ أي: دعاؤكم إياي لأغفر لكم، وأعطيكم ما سألتم راجع إلى القول الأول؛ لأن دعاء المسألة داخل في العبادة كما هو معلوم.
وقوله:{فَقَدْ كَذَّبْتُمْ} أي: بما جاءكم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وقد قدمنا في الكلام على قوله تعالى: {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (٦٥)} أن معنى قوله تعالى: {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (٧٧)} أي: سوف يكون العذاب ملازمًا لهم غير مفارق، كما تقدم إيضاحه.
وقال جماعة من أهل العلم: إن المراد بالعذاب اللازم لهم