للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والإِطلاق الثالث: هو إطلاق الضلال على الغيبوبة والاضمحلال، تقول العرب: ضل الشيء إذا غاب واضمحل، ومنه قولهم: ضل السمن في الطعام إذا غاب فيه واضمحل، ولأجل هذا سمت العرب الدفن في القبر إضلالًا؛ لأن المدفون تأكله الأرض فيغيب فيها ويضمحل.

ومن هذا المعنى قوله تعالى: {وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ} الآية، يعنون إذا دفنوا وأكلتهم الأرض، فضلوا فيها، أي: غابوا فيها واضمحلوا.

ومن إطلاقهم الإِضلال على الدفن قول نابغة ذبيان يرثي النعمان بن الحارث بن أبي شمر الغساني:

فإن تحيى لا أملك حياتي وإن تمت ... فما في حياة بعد موتك طائل

فآب مضلوه بعين جلية ... وغودر بالجولان حزم ونائل

وقول المخبل السعدي يرثي قيس بن عاصم:

أضلت بنو قيس بن سعد عميدها ... وفارسها في الدهر قيس بن عاصم

فقول الذبياني: فآب مضلوه: يعني فرجع دافنوه، وقول السعدي: أضلت، أي: دفنت.

ومن إطلاق الضلال أيضًا على الغيبة والاضمحلال قول الأخطل.

كنت القذى في موج أكدر مزبد ... قذف الأتي به فضل ضلالا

وقول الآخر:

ألم تسأل فتخبرك الديار ... على الحي المضلل أين ساروا