{سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ} وقوله فيهم أيضًا: {وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ} وقد أوضحنا هناك أن العرب تطلق الصمم وعدم السماع على السماع الذي لا فائدة فيه، وذكرنا بعض الشواهد العربية على ذلك.
مسألة تتعلق بهذه الآية الكريمة
أعلم أن الذي يقتضي الدليل رجحانه هو أن الموتى في قبورهم يسمعون كلام من كلمهم، وأن قول عائشة رضي الله عنها ومن تبعها: إنهم لا يسمعون استدلالا بقوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} وما جاء بمعناها من الآيات غلط منها رضي الله عنها، وممن تبعها.
وإيضاح كون الدليل يقتضي رجحان ذلك مبني على مقدمتين:
الأولى منها: أن سماع الموتى ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في أحاديث متعددة ثبوتًا لا مطعن فيه. ولم يذكر - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك خاص بإنسان ولا بوقت.
والمقدمة الثانية: هي أن النصوص الصحيحة عنه - صلى الله عليه وسلم - في سماع الموتى لم يثبت في الكتاب ولا في السنَّة لشيء يخالفها، وتأويل عائشة رضي الله عنها بعض الآيات على معنى يخالف الأحاديث المذكورة لا يجب الرجوع إليه، لأن غيره في معنى الآيات أولى بالصواب منه، فلا ترد النصوص الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بتأول بعض الصحابة بعض الآيات. وسنوضح هنا إن شاء الله صحة المقدمتين المذكورتين. وإذا ثبت بذلك أن سماع الموتى ثابت عنه - صلى الله عليه وسلم - من غير معارض صريح علم بذلك رجحان ما ذكرنا أن الدليل يقتضي رجحانه.
أما المقدمة الأولى وهي ثبوت سماع الموتى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ،