للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثبت في الصحيح: أن الميت يستأنس بالمشيعين لجنازته بعد دفنه، فروى مسلم في صحيحه من حديث عبد الرحمن بن شماسة المهري قال: حضرنا عمرو بن العاص، وهو في سياق الموت، فبكى طويلًا وحول وجهه إلى الجدار الحديث. وفيه: فإذا أنا متُّ فلا تصحبني نائحة ولا نار، فإذا دفنتموني فسنوا عليَّ التراب سنًا، ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر الجزور، ويقسم لحمها، حتى أستأنس بكم وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي. فدل على أن الميت يستأنس بالحاضرين عند قبره ويسر بهم. اهـ.

ومعلوم أن هذا الحديث له حكم الرفع، لأن استئناس المقبور بوجود الأحياء عند قبره لا مجال للرأي فيه.

ومما قاله ابن القيم في كلامه الطويل المذكور: ويكفي في هذا تسمية المسلم عليهم زائرًا، ولولا أنهم يشعرون به لما صح تسميته زائرًا، فإن المزور إن لم يعلم بزيارة من زاره لم يصح أن يقال: زاره. وهذا هو المعقول من الزيارة عند جميع الأمم، وكذلك السلام عليهم أيضًا، فإن السلام على من لا يشعر، ولا يعلم بالمسلم محال، وقد علم النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته إذا زاروا القبور أن يقولوا: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية" وهذا السلام، والخطاب، والنداء لموجود يسمع، ويخاطب، ويعقل، ويرد، وإن لم يسمع المسلم الرد.

ومما قاله ابن القيم في كلامه الطويل قوله: وقد ترجم الحافظ أبو محمد عبد الحق الأشبيلي على هذا فقال: ذكر ما جاء أن الموتى يسألون عن الأحياء، ويعرفون أقوالهم، وأعمالهم ثم قال: ذكر