وهي لأيتامه وورثته إلى يهودي بمنام. ثم ذكر ابن القيم رحمه الله تنفيذ خالد وأبي بكر الصديق رضي الله عنهما وصية ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه بعد موته، وفي وصيته المذكورة قضاء دين عينه لرجل في المنام، وعتق بعض رقيقه، وقد وصف للرجل الذي رآه في منامه الموضع الذي جعل فيه درعه الرجل الذي سرقها، فوجدوا الأمر كما قال، وقصته مشهورة.
وإذا كانت وصية الميت بعد موته قد نفذها في بعض الصور أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فإن ذلك يدل على أنه يدرك ويعقل ويسمع. ثم قال ابن القيم رحمه الله في خاتمة كلامه الطويل: والمقصود جواب السائل، وأن الميت إذا عرف مثل هذه الجزئيات وتفاصيلها، فمعرفته بزيارة الحي له، وسلامه عليه، ودعائه له أولى وأحرى. اهـ.
فكلام ابن القيم هذا الطويل الذي ذكرنا بعضه جملة، وبعضه تفصيلًا فيه من الأدلة المقنعة ما يكفي في الدلالة على سماع الأموات، وكذلك الكلام الذي نقلنا عن شيخه أبي العباس بن تيمية رحمهما الله تعالى. وفي كلامهما الذي نقلنا عنهما أحاديث صحيحة، وآثار كثيرة، ومرائي متواترة وغير ذلك. ومعلوم أن ما ذكرنا في كلام ابن القيم من تلقين الميت بعد الدفن أنكره بعض أهل العلم، وقال: إنه بدعة، وأنه لا دليل عليه، ونقل ذلك عن الإِمام أحمد وأنه لم يعمل به إلَّا أهل الشام. وقد رأيت ابن القيم رحمه الله استدل له بأدلة:
منها: أن الإِمام أحمد رحمه الله سئل عنه، فاستحسنه، واحتج عليه بالعمل.