كلامه على قوله تعالى:{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ} إلى قوله: {فَهُمْ مُسْلِمُونَ (٨١)} لسماع الموتى، وأورد في ذلك كثيرًا من الأدلة التي قدمنا في كلام ابن القيم، وابن أبي الدنيا، وغيرهما وكثيرًا من المرائي الدالة على ذلك. وقد قدمنا الحديث الدال على أن المرائي إذا تواترت أفادت الحجة.
ومما قال في كلامه المذكور: وقد استدلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بهذه الآية: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} على توهيم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في روايته مخاطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - القتلى الذين ألقوا في قليب بدر بعد ثلاثة أيام، إلى أن قال: والصحيح عند العلماء رواية عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ لما لها من الشواهد على صحتها، من أشهر ذلك ما رواه ابن عبد البر مصححًا له عن ابن عباس موفوعًا "ما من أحد يمر بقبر أخيه المسلم كان يعرفه" الحديث. وقد قدمناه في هذا المبحث مرارًا.
وبجميع ما ذكرنا في هذا المبحث في الكلام على آية النمل هذه تعلم أن الذي يرجحه الدليل: أن الموتى يسمعون سلام الأحياء وخطابهم سواء قلنا: إن الله يرد عليهم أرواحهم حتى يسمعوا الخطاب ويردوا الجواب، أو قلنا: إن الأرواح أيضًا تسمع وترد بعد فناء الأجسام؛ لأنا قد قدمنا أن هذا ينبني على مقدمتين: ثبوت سماع الموتى بالسنَّة الصحيحة, وأن القرآن لا يعارضها على التفسير الصحيح الذي تشهد له القرائن القرآنية، واستقراء القرآن، وإذا ثبت ذلك بالسنَّة الصحيحة من غير معارض من كتاب، ولا سنَّة ظهر بذلك رجحانه على تأول عائشة رضي الله عنها، ومن تبعها بعض آيات القرآن كما تقدم إيضاحه. وفي الأدلة التي ذكرها العلامة ابن القيم في