للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسألة الثانية: في بيان العود الذي رتب الله عليه الكفارة في قوله: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} وإزالة إشكال في الآية.

اعلم أن هذه المسألة قد بيناها في كتابنا (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب) وسنذكر هنا كلامنا المذكور فيه تتميمًا للفائدة.

ففي دفع إيهام الاضطراب ما نصه: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}. لا يخفى أن ترتيبه تعالى الكفارة بالعتق على الظهار والعود معًا يفهم منه أن الكفارة لا تلزم إلَّا بالظهار والعود معًا. وقوله تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} صريح في أن التكفير يلزم كونه من قبل العود إلى المسيس.

اعلم أولًا: أن ما رجحه ابن حرم من قول داود الظاهري، وحكاه ابن عبد البر عن بكير بن الأشج، والفراء، وفرقة من أهل الكلام، وقال به شعبة (١) من أن معنى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} هو عودهم إلى لفظ الظهار، فيكررونه مرة أخرى قول باطل، بدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستفصل المرأة التي نزلت فيها آية الظهار، هل كرر زوجها صيغة الظهار أو لا، وترك الاستفصال ينزل منزلة العموم في الأقوال كما تقدم مرارًا.

والتحقيق أن الكفارة ومنع الجماع قبلها لا يشترط فيها تكرير صيغة الظهار. وما زعمه بعضهم أيضًا من أن الكلام فيه تقديم


(١) كذا في المطبوعة، و"دفع إيهام الاضطراب"!