إطلاق الآية، قالوا: وليس لأحد أن يقيد ما أطلقه الله في كتابه إلَّا بدليل يجب الرجوع إليه.
وممن قال باشتراط الإِيمان في رقبة كفارة الظهار: مالك، والشافعي، والحسن، وإسحاق، وأبو عبيدة، وهو ظاهر مذهب الإِمام أحمد. قاله في المغني.
واحتج لأهل هذا القول بما تقرر في الأصول من حمل المطلق على المقيد.
وقد بينا مسألة حمل المطلق على المقيد في كتابنا (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب) في سورة النساء في الكلام على قوله تعالى في كفارة القتل الخطأ {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} الآية. بقولنا فيه: وحاصل تحرير المقام في مسألة تعارض المطلق والمقيد: أن لها أربع حالات:
الأولى: أن يتحد حكمهما وسببهما معًا كتحريم الدم، فإن الله قيده في سورة الأنعام بكونه مسفوحًا في قوله تعالى:{طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} وأطلقه عن القيد بكونه مسفوحًا في سورة النحل والبقرة والمائدة، قال في النحل:{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ} وقال في البقرة: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ. . .}، وقال في المائدة:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ. . .} الآية. وجمهور العلماء يقولون بحمل المطلق على المقيد في هذه الحالة التي هي اتحاد السبب والحكم معًا، ولذلك كانوا لا يرون بالحمرة التي تعلو القدر من أثر تقطيع اللحم بأسًا؛ لأنه دم غير مسفوح. قالوا: وحمله عليه أسلوب من أساليب اللغة