جميعها، فإن نفعها يذهب بذلك؛ لكونها أنملتين، وإن كان من غير الإِبهام لم يمنع؛ لأن منفعتها لا تذهب، فإنها تفسير كالأصابع القصار، حتى لو كانت أصابعه كلها غير الإِبهام قد قطعت من كل واحد منها أنملة لم يمنع، وإن قطع من الإِصبع أنملتان فهو كقطعها؛ لأنه يذهب بمنفعتها، وهذا جميعه مذهب الشافعي؛ أي وأحمد.
وقال أبو حنيفة: يجزئ مقطوع إحدى الرجلين، أو إحدى اليدين، ولو قطعت رجله ويده جميعًا من خلاف أجزأت؛ لأن منفعة الجنس بقية، فأجزأت في الكفارة كالأعور، فأما إن قطعتا من وفاق، أي: من جانب واحد لم يجز؛ لأن منفعة المشي تذهب.
ولنا أن هذا يؤثر في العمل، ويضر ضررًا بيننا، فوجب أن يمنع إجزاءها، كما لو قطعتا من وفاق، ويخالف العور فإنه لا يضر ضررًا بيننا، والاعتبار بالضرر أولى من الاعتبار بمنفعة الجنس، فإنه لو ذهب شمه أو وقطعت أذناه معًا أجزأ مع ذهاب منفعة الجنس. ولا يجزئ الأعرج إذا كان عرجًا كثيرًا فاحشًا؛ لأنه يضر بالعمل، فهو كقطع الرجل، إلى أن قال: ويجزئ الأعور في قولهم جميعًا.
وقال أبو بكر: فيه قول آخر: إنه لا يجزئ؛ لأنه نقص يمنع التضحية والإِجزاء في الهدي، فأشبه العمى. والصحيح ما ذكرناه. فإن المقصود تكميل الأحكام، وتمليك العبد المنافع، والعور لا يمنع ذلك؛ ولأنَّه لا يضر بالعمل فأشبه قطع إحدى الأذنين، ويفارق العمى فإنه يضر بالعمل ضررًا بينًا، ويمنع كثيرًا من الصنائع، ويذهب بمنفعة الجنس ويفارق قطع إحدى اليدين والرجلين، فإنه لا يعمل بإحداهما ما يعمل بهما، والأعور يدرك بإحدى العينين ما يدرك بهما.
وأما الأضحية والهدي فإنه لا يمنع منهما مجرد العور، وإنما