الظهارة، هل يشترط فيها سلامتها من العيوب أو لا. فحكي عن داود الظاهري أنه جوز كل رقبة يقع عليها الاسم ولو كانت معيبة بكل العيوب، تمسكًا بإطلاق الرقبة في قوله تعالى:{فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} قال: ظاهره ولو معيبة؛ لأن الله لم يقيد الرقبة بشيء.
وذهب أكثر أهل العلم إلى اشتراط السلامة من العيوب القوية مع اختلافهم في بعض العيوب. قالوا: يشترط سلامتها من العيوب المضرة بالعمل ضررًا بيِّنًا؛ لأن المقصود تمليك العبد منافعه، وتمكينه من التصرف لنفسه، ولا يحصل هذا مع ما يضر بالعمل ضررًا بينا، فلا يجزئ الأعمى؛ لأنه لا يمكنه العمل في أكثر الصنائع، ولا المقعد، ولا المقطوع اليدين، أو الرجلين؛ لأن اليدين آلة البطش فلا يمكنه العمل مع فقدهما، والرجلان آلة المشي فلا يتهيأ له كثير من العمل مع تلفهما، والشلل كالقطع في هذا.
قالوا: ولا يجوز المجنون جنونًا مطبقًا؛ لأنه وجد فيه المعنيان: ذهاب منفعة الجنس، وحصول الضرر بالعمل. قاله في المغني. ثم قال: وبهذا كله قال الشافعي، ومالك، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. انتهى محل الغرض منه.
وبه تعلم إجماع الأئمة الأربعة على اشتراط السلامة من مثل العيوب المذكورة.
وقال ابن قدامة في المغني: ولا يجزئ مقطوع اليد أو الرجل، ولا أشلهما، ولا مقطوع إبهام اليد، أو سبابتها، أو الوسطى؛ لأن نفع اليد يذهب بذهاب هؤلاء، ولا يجزئ مقطوع الخنصر والبنصر من يد واحدة، لأن نفع اليدين يزول أكثره بذلك. وإن قطعت كل واحدة من يد جاز؛ لأن نفع الكفين باق. وقطع أنملة الإِبهام كقطع