لكان الكلام معيبًا عند العارفين. وعرف صاحب مراقي السعود دلالة الإِيماء والتنبيه في مبحث دلالة الاقتضاء والإشارة والإيماء والتنبيه بقوله:
دلالة الإِيماء والتنيه ... في الفن تقصد لدى ذويه
أن يقرن الوصف بحكم إن يكن ... لغير علة يعبه من فطن
وعرف أيضًا الإِيماء والتنبيه في مسالك العلة بقوله:
والثالث الإِيما اقتران الوصف ... بالحكم ملفوظين دون خلف
وذلك الوصف أو النظير ... قرانه لغيرها يضير
فقوله تعالى:{ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} لو لم يكن علة لقوله تعالى: {فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} لكان الكلام معيبًا غير منتظم عند الفطن العارف.
وإذا علمت أن قوله تعالى:{ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} هو علة قوله: {فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} وعلمت أن حكم العلة عام.
فاعلم أن العلة قد تعمم معلولها، وقد تخصصه كما ذكرنا في بيت مراقي السعود، وبه تعلم أن حكم آية الحجاب عام لعموم علته، وإذا كان حكم هذه الآية عامًا بدلالة القرينة القرآنية.
فاعلم أن الحجاب واجب بدلالة القرآن على جميع النساء.
واعلم أنا في هذا المبحث يزيد أن نذكر الأدلة القرآنية على وجوب الحجاب على العموم، ثم الأدلة من السنَّة، ثم نناقش أدلة الطرفين، ونذكر الجواب عن أدلة من قالوا بعدم وجوب الحجاب على غير أزواجه - صلى الله عليه وسلم - ، وقد ذكرنا آنفًا أن قوله:{ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ} الآية. قرينة على عموم حكم آية الحجاب.