ومن الأدلة القرآنية على احتجاب المرأة وسترها جميع بدنها حتى وجهها قوله تعالى {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} فقد قال غير واحد من أهل العلم: إن معنى: يدنين عليهن من جلابيبهن: أنهن يسترن بها جميع وجوههن، ولا يظهر منهن شيء إلَّا عين واحدة تبصر بها. وممن قال به ابن مسعود، وابن عباس، وعبيدة السلماني وغيرهم.
فإن قيل: لفظ الآية الكريمة وهو قوله تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} لا يستلزم معناه ستر الوجه لغة، ولم يرد نص من كتاب، ولا سنَّة، ولا إجماع على استلزامه ذلك، وقول بعض المفسرين: إنه يستلزمه معارض يقول بعضهم: إنه لا يستلزمه، وبهذا يسقط الاستدلال بالآية على وجوب ستر الوجه.
فالجواب: أن في الآية الكريمة قرينة واضحة على أن قوله تعالى فيها: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} يدخل في معناه ستر وجوههن بإدناء جلابيبهن عليها. والقرينة المذكورة: هي قوله تعالى: {قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} ووجوب احتجاب أزواجه وسترهن وجوههن لا نزاع فيه بين المسلمين، فذكر الأزواج مع البنات ونساء المؤمنين يدل على وجوب ستر الوجوه بإدناء الجلابيب كما ترى.
ومن الأدلة على ذلك أيضًا: هو ما قدمنا في سورة النور في الكلام على قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} من أن استقراء القرآن يدل على أن معنى (إلَّا ما ظهر منها) الملاءة فوق الثياب، وأنه لا يصح تفسير (إلَّا ما ظهر منها) بالوجه والكفين، كما تقدم إيضاحه.
واعلم أن قول من قال: إنه قد قامت قرينة قرآنية على أن قوله