تعالى:{يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} لا يدخل فيه ستر الوجه، وأن القرينة المذكورة هي قوله تعالى:{ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ} قال: وقد دل قوله: (أن يعرفن) على أنهن سافرات كاشفات عن وجوههن؛ لأن التي تستر وجهها لا تعرف = باطل. وبطلانه واضح، وسياق الآية يمنعه منعًا باتًا؛ لأن قوله:{يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} صريح في منع ذلك.
وإيضاحه: أن الإِشارة في قوله: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ} راجعة إلى إدنائهن عليهن من جلابيبهن وإدناؤهن عليهن من جلابيبهن، لا يمكن بحال أن يكون أدنى أن يعرفن بسفورهن، وكشفهن عن وجوههن كما ترى، فإدناء الجلابيب مناف لكون المعرفة معرفة شخصية بالكشف عن الوجوه كما لا يخفى.
وقوله في الآية الكريمة (لأزواجك) دليل أيضًا على أن المعرفة المذكورة في الآية ليست بكشف الوجوه؛ لأن احتجابهن لا خلاف فيه بين المسلمين.
والحاصل: أن القول المذكور تدل على بطلانه أدلة متعددة:
الأول: سياق الآية كما أوضحناه آنفًا.
الثاني: قوله: (لأزواجك) كما أوضحناه أيضًا.
الثالث: أن عامة المفسرين من الصحابة فمن بعدهم فسروا الآية مع بيانهم سبب نزولها بأن نساء أهل المدينة كن يخرجن بالليل لقضاء حاجتهن خارج البيوت، وكان بالمدينة بعض الفساق يتعرضون للإِماء، ولا يتعرضون للحرائر، وكان بعض نساء المؤمنين يخرجن في زي ليس متميزًا عن زي الإِماء، فيتعرض لهن أولئك الفساق