نعم يشهد له ما رواه الترمذي، والنسائي من حديث أميمة بنت رقيقة، فلفظ النسائي:"ما قولي لامرأة واحدة إلَّا كقولي لمائة امرأة" ولفظ الترمذي: "إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة" وهو من الأحاديث التي ألزم الدارقطني الشيخين بإخراجها؛ لثبوتها على شرطهما.
وقال ابن قاسم العبادي في شرح الورقات الكبير: حكمي على الواحد لا يعرف له أصل. إلى آخره، قريبًا مما ذكرناه عنه. انتهى.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الحديث المذكور ثابت من حديث أميمة بنت رقيقة بقافين مصغرًا، وهي صحابية من المبايعات، ورقيقة أمها، وهي أخت خديجة بنت خويلد. وقيل: عمتها، واسم أبيها بجاد بموحدة ثم جيم ابن عبد الله ابن عمير التيمي، تيم بن مرة، وأشار إلى ذلك في مراقي السعود بقوله:
خطاب واحد لغير الحنبلي ... من غير رعي النص والقيس الجلي
انتهى محل الغرض منه.
وبهذه القاعدة الأصولية التي ذكرنا تعلم أن حكم آية الحجاب عام كان كان لفظها خاصًا بأزواجه - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأن قوله لامرأة واحدة من أزواجه، أو من غيرهن كقوله لمائة امرأة، كما رأيت إيضاحه قريبًا.
ومن الأدلة القرآنية الدالة على الحجاب قوله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٦٠)}؛ لأن الله جلَّ وعلا بين في هذه الآية الكريمة أن القواعد، أي: العجائز اللاتي لا يرجون نكاحًا، أي: لا يطمعن في النكاح؛ لكبر السن وعدم حاجة