ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما وغيرهما من حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"إياكم والدخول على النساء. فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت" أخرج البخاري هذا الحديث في كتاب النكاح في باب: لا يخلون رجل بامرأة إلَّا ذو محرم. إلخ. ومسلم في كتاب السلام في باب: تحريم الخلوة بالأجنبية والدخول عليها. فهذا الحديث الصحيح صرح فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتحذير الشديد من الدخول على النساء، فهو دليل واضح على منع الدخول عليهن، وسؤالهن متاعًا إلَّا من وراء حجاب؛ لأن من سألها متاعًا لا من وراء حجاب فقد دخل عليها، والنبي - صلى الله عليه وسلم - حذَّره من الدخول عليها، ولما سألته الأنصارى عن الحمو الذي هو قريب الزوج الذي ليس محرمًا لزوجته كأخيه، وابن أخيه، وعمه، وابن عمه ونحو ذلك قال له - صلى الله عليه وسلم - : الحمو الموت. فسمى - صلى الله عليه وسلم - دخول قريب الرجل على امرأته وهو غير محرم لها باسم الموت. ولا شك أن تلك العبارة هي أبلغ عبارات التحذير؛ لأن الموت هو أفظع حادث يأتي على الإِنسان في الدنيا كما قال الشاعر:
والموت أعظم حادث ... مما يمر على الجبلة
والجبلة: الخلق. ومنه قوله تعالى: {وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (١٨٤)}، فتحذيره - صلى الله عليه وسلم - هذا التحذير البالغ من دخول الرجال على النساء، وتعبيره عن دخول القريب على زوجة قريبه باسم الموت، دليل صحيح نبوي على أن قوله تعالى:{فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} عام في جميع النساء كما ترى. إذ لو كان حكمه خاصًا بأزواجه - صلى الله عليه وسلم - لما حذر الرجال هذا التحذير البالغ العام من الدخول على النساء.