وظاهر الحديث التحذير من الدخول عليهن ولو لم تحصل الخلوة بينهما، وهو كذلك، فالدخول عليهن، والخلوة بهن كلاهما محرم تحريمًا شديدًا بانفراده، كما قدمنا أن مسلمًا رحمه الله أخرج هذا الحديث في باب تحريم الخلوة بالأجنبية، والدخول عليها فدل على أن كليهما حرام.
وقال ابن حجر في فتح الباري في شرح الحديث المذكور: إياكم والدخول بالنصب على التحذير، وهو تنبيه المخاطب على محذور؛ ليتحرز عنه، كما قيل: إياك والأسد. وقوله: إياكم: مفعول لفعل مضمر تقديره: اتقوا.
وتقدير الكلام اتقوا أنفسكم أن تدخلوا على النساء، والنساء أن يدخلن عليكم. ووقع في رواية ابن وهب بلفظ لا تدخلوا على النساء. وتضمن منع الدخول منع الخلوة بها بطريق الأولى. انتهى محل الغرض منه.
وقال البخاري رحمه الله في صحيحه: باب وليضربن بخمرهن على جيوبهن. وقال أحمد بن شبيب: حدثنا أبي عن يونس، قال ابن شهاب عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله:{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} شققن مروطهن فاختمرن بها.
حدثنا أبو نعيم، حدثنا إبراهيم بن نافع، عن الحسن بن مسلم عن صفية بنت شيبة: أن عائشة رضى الله عنها كانت تقول: لما نزلت هذه الآية {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} أخذن أزرهن فشققنها من قبل الحواشي، فاختمرن بها. انتهى من صحيح البخاري.